خطبة الجمعة.. أبرز المواضيع التي ستُناقش في خطبة اليوم

التفاخر والكبرياء من أسباب الفساد في المجتمعات، إذ تمثل كبرياء النفس واعتقاد الإنسان بأنه “أنا أفضلُ منه” اعتداءً على قضاء الله وقدره، وتورطاً في مسالك الشيطان التي تهدد جوارح العلاقات الاجتماعية. يحذر الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي إمام وخطيب المسجد النبوي من هذه السلوكيات التي تقوض الروابط بين الناس وتدفع بالعلاقات إلى مأزق عميق.

كيف يؤثر الكبرياء على تدهور المجتمعات وعلاقات الأفراد

بدأ الشيخ عبدالباري الثبيتي خطبته بالتأكيد على أهمية تقوى الله تعالى التي تجمع جميع الفضائل، وتفتح باب النجاة، كما تمثل مفتاح الطمأنينة وموئل السعادة في الدنيا والآخرة، مشددًا على أن الشعور بقيمة النفس الزائدة والشعور بـ”أنا أفضلُ منه” قد يبدو أحيانًا مجرد عبارة تُقال، لكنه في الواقع يتسلل في أعماق النفس ليصبح مرضاً ينخر العلاقة بين الإنسان وربه، وبين الإنسان وأقرانه. قد يتطور هذا الشعور الخفي إلى معتقدات متجذرة، تؤدّي إلى النظر بازدراء واستعلاء على من حوله.

عبارة “أنا أفضلُ منه” وتأثيرها السلبي على الفرد والمجتمع

تنبع عبارة “أنا أفضلُ منه” من مقارنة وهمية يعتقد فيها الإنسان أنه أحق بالفضل والأعلى منزلة لأسباب متنوعة، كامتلاكه صفات أو قدرات معينة أو مرتبة اجتماعية أو علمية يفترض أنها تمنحه الحق في الانتقاص من الآخرين، فتظهر انعكاسات هذا الشعور في سلوكيات متعددة، مثل نظرات استعلائية، أو كلمات تحمل ازدراءً مبطنًا، أو صمت يعبّر عن احتقار، وقد يتجلى في تعامل المدير مع موظفيه، أو الغني مع الفقير، أو المتدين مع من يختلف عنه، وهو اعتراض صريح على عدل الخالق الحكيم الذي قسم الأرزاق بميزان دقيق لا يخطئ. تكرار هذه السلوكيات بقصد أو بدون قصد يولّد شرخًا في النسيج الاجتماعي ويقود إلى مفاسد متعددة.

دور التواضع في تقوية الروابط الاجتماعية والتخلص من الكبرياء

عرّف الشيخ الثبيتي أن أحد أهم مفاتيح مواجهة هذا الداء هو الالتزام بالتواضع الذي يعد من أعظم فضائل النفس. نموذجٌ رائع لذلك شخصية النبي يوسف عليه السلام الذي رغم علمه وفضله الكبير، لم يظهر تعالياً أو تكبراً، بل وقف بثقة متواضعة ليُخدم وطنه وأمته دون أن يقلل من شأن أحد. القيادة بالتواضع تولد الاحترام وتمنع انهيار المجتمعات التي لا تحتمل جذور الكبرياء المتغلل في القلوب. تجدر الإشارة إلى أن الكبرياء إذا استقر في القلوب، فسدت المجتمعات، وتعطلت مسيرة البناء، وضعف التعاون، وتجذرت نيران الحسد والبغضاء، مستشهدا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر”، موضحا أن التواضع درجات يرفع الله بها من اتصف به، بينما من تكبر وضعه الله في أدنى المراتب.

ودعا فضيلته المسلمين إلى وقوف النفس عند حدود الرضا بما قسم الله، متذكراً أن النعم قد تزول في لحظة، وأن الغنى ونسب العلم أو المال لا يجب أن تكون سببًا للاحتقار أو التفوق المطلق، بل يجب الدعاء للغير بالبركة والرزق، مما يصفّي القلوب ويقوّي نسيج التآلف بينهم.

الواقع الاجتماعي نتيجة الكبر والتفاخر
انتهاك الحقوق وقلة التواضع تفكك الروابط الاجتماعية وبناء المجتمعات الضعيفة
الشعور بالتفوق وعدم الرضا نمو الحسد والبغضاء وانتشار الانقسامات
التصرفات الاستبدادية تجاه الآخرين إفساد العلاقات وبث الإحباط والتفرقة
الاستعلاء باسم الدين أو المعرفة تكريس روح التعصب وتقليل فرص التفاهم والسلام

وتأتي تذكيراته الأخيرة بدعاء خاص للمستضعفين في فلسطين، راجياً من الله أن يمنحهم العون والنصرة، وأن يبدل خوفهم أمنًا، وأن يرحم موتاهم ويشفي مرضاهم، ويمنحهم العافية والسكينة، ويثبت أقدامهم في وجه الظلم والاعتداءات، في دعوة تجمع بين الرحمة والمسؤولية.

يبقى الانطلاق من التقوى والتواضع أساسًا لتزكية القلوب وصلاح الحال، إذ إن الكبرياء لا يولد إلا الخراب، والتواضع هو السبيل الذي يرسخ المحبة، ويرتقي بالمجتمعات إلى بر الأمان والاستقرار.