الجنيه يعود إلى دائرة الضوء اليوم: هل يحافظ على جاذبيته في تجارة الفائدة؟

الجنيه المصري يستعيد جاذبيته كعملة لتجارة الفائدة في الأسواق الناشئة بفضل عوامل متعددة، منها ضعف الدولار وتحسن تحويلات المصريين بالخارج، إلى جانب انتعاش السياحة وارتفاع عوائد أدوات الدين المحلية التي تجعل الاستثمار في العملة المحلية منافسًا قويًا.

كيف يعزز ضعف الدولار وتحسن تحويلات المصريين جاذبية الجنيه في تجارة الفائدة؟

يشير تقرير بنك “يو بي إس” إلى أن الجنيه المصري بات من أبرز العملات التي تستقطب اهتمام المستثمرين في مجال تجارة الفائدة داخل الأسواق الناشئة، خصوصًا أن أدوات الدين بالجنيه قصيرة الأجل تقدم عوائد اسمية تقترب من 19% سنويًا، وهو معدل مرتفع يشجع على ضخ المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية حتى مع توقعات خفض أسعار الفائدة من البنك المركزي المصري تماشيًا مع التيسير النقدي المتوقع من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. يُضاف إلى ذلك أن استقرار سعر الصرف للجنيه، بعد سلسلة من التخفيضات السابقة، يجعل من العملة خيارًا آمنًا بالمقارنة مع تقلبات العملات الأخرى، وهو ما ينعكس إيجابيًا على العوائد المعدلة حسب المخاطر، ما يعزز من مكانة الجنيه في سوق تجارة الفائدة.

من ناحية أخرى، ساهم ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج في دعم اقتصاد البلاد وإثراء الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، حيث وصلت التحويلات خلال الثمانية أشهر الأولى من 2025 إلى 26.6 مليار دولار، بزيادة تجاوزت 47% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وقد سجل أغسطس 2025 وحده 3.5 مليار دولار محققًا نموًا بنسبة 32.6% عن أغسطس 2024، مما يعكس استمرار تدفق العملات الأجنبية وعزّز السيولة بالعملة الصعبة.

توقعات نمو الناتج المحلي وتأثيره على استقرار الجنيه المصري في تجارة الفائدة

رغم التوترات الإقليمية التي شهدت نوعًا من التهدئة عقب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يظل الاقتصاد المصري معرضًا لتحديات عدة، منها العجز الخارجي والمالي وارتفاع تكاليف الاقتراض، فضلاً عن الضغوط التي تواجه قطاعات هامة كالزراعة والطاقة. مع ذلك، رفعت المؤسسات المالية مثل صندوق النقد الدولي توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.5% في العام المالي 2025/2026، مدفوعًا بزيادة إيرادات السياحة وتحويلات المصريين، فيما يُتوقع تراجع معدل التضخم إلى نحو 11.7%، مما يدعم استقرار الأوضاع النقدية وسوق الصرف للعملة المحلية، الأمر الذي يسهم في تعزيز جاذبية الجنيه في تجارة الفائدة.

وقد يحول دون قوة الجنيه أي تدهور في بيئة الاستثمار عالميًا، خاصةً مع فقدان شهية المخاطرة أو تصاعد النزاعات التجارية؛ فقد تؤدي هذه العوامل إلى سحب الاستثمارات قصيرة الأجل، ما قد ينعكس سلبًا على أداء العملة. لذلك، تلعب عوامل محلية مثل استقرار سعر الصرف وثقة المستثمرين في السياسات الحكومية دورًا محوريًا في الحفاظ على مكانة الجنيه.

تأثير خفض أسعار الفائدة الأمريكية على جذابية الجنيه في الأسواق الناشئة

يقول خبراء مصرفيون إن تراجع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يؤثر مباشرة على تدفقات رؤوس الأموال الساخنة إلى الأسواق الناشئة، ومن بينها مصر التي تحظى بميزة العائد المرتفع على أدوات الدين بالجنيه. إذ يحفز انخفاض الفائدة الأمريكية زيادة الطلب على الأصول المحلية ذات العوائد الأعلى، وهو ما ينعكس إيجابيًا على الجنيه ويعزز قيمته ضمن سلة العملات الجاذبة لتجارة الفائدة.

ومع ذلك، تعتمد هذه الجاذبية على عوامل عدة، أبرزها استمرار استقرار سعر الصرف والحفاظ على الثقة في قدرة الدولة على إدارة الدين والتضخم، إذ أن أي اضطراب في هذه الجوانب قد يقلل من الفائدة التي يجنيها السوق المحلي من خفض الفائدة الأمريكية.

وحسب توقعات وكالة رويترز، قد يشهد الجنيه بعض الانخفاض تدريجيًا أمام الدولار خلال الأعوام القادمة، حيث يُتوقع وصول سعر الصرف إلى حوالي 49.85 جنيهًا للدولار مع منتصف 2026، ثم إلى 52 جنيهًا في 2027، و54 جنيهًا في 2028، مع استمرار توقعات جولدمان ساكس بارتفاع الاهتمام بالأسواق الناشئة بدعم من النمو العالمي وتحسن تجارة السلع.

السنة سعر صرف الجنيه مقابل الدولار (متوقع)
يونيو 2026 49.85 جنيه
يونيو 2027 52 جنيهًا
يونيو 2028 54 جنيهًا

في المجمل، تظل جاذبية الجنيه في تجارة الفائدة مرتبطة بعدة عوامل محلية وعالمية، منها سعر الفائدة العالمي، وضع الاقتصاد المصري، وتحسن إيرادات العملة الأجنبية، ما يجعل من دراسة هذه المتغيرات أمرًا ضروريًا لمن يرغب في استثمار فعال ومربح ضمن الأسواق الناشئة.