«المشاط»: التحدي الحقيقي للدول النامية اليوم هو إعداد مشروعات قابلة للاستثمار وليس التمويل

يشكل إعداد مشروعات قابلة للاستثمار تحديًا رئيسيًا أمام الدول النامية رغم توفر التمويل، خاصة مع تزايد الضغوط الاقتصادية العالمية والتحديات الجيوسياسية التي تؤثر على موارد مؤسسات التمويل الإنمائية.

التحديات التمويلية وأهمية إعداد مشروعات قابلة للاستثمار في الدول النامية

تناولت جلسة منتدى القاهرة الثاني الذي أُقيم على مدى يومين، قضية انكماش موارد مؤسسات التمويل الإنمائية، وكيف يهدد ذلك تحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفريقيا، بمشاركة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط، وعدد من الخبراء والمختصين. وأكد المشاركون أن القارة الأفريقية تواجه فجوة تمويلية تتراوح بين 670 و760 مليار دولار سنويًا، وسط صعوبات متزايدة تؤثر على الاستثمارات. ورغم ذلك، شددوا على أن التحدي الرئيسي أمام الدول النامية ليس نقص التمويل بقدر ما هو في قدرة تلك الدول على إعداد مشروعات قابلة للاستثمار وبناء بيئة أعمال جذابة، ما يمكن القطاع الخاص من لعب دور محوري في التنمية وإدخال رؤوس أموال جديدة. وتأتي الشراكات بين مؤسسات التمويل الإنمائية والقطاع الخاص والحكومات كسبيل لتحويل المساعدات التقليدية إلى استثمارات مستدامة تحقق أثرًا فعليًا.

دور الشراكات الاستثمارية والقدرات الفنية في تعزيز الاستثمارات التنموية

أشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أن الواقع الجديد الذي يواجه الاقتصاد العالمي أبرز الحاجة إلى توجيه الموارد بشكل أكبر نحو استثمارات القطاع الخاص باعتبارها أولوية تحفيزية لتعزيز التنمية. وأكدت أن التحدي الفعلي يكمن في استغلال الخبرات الفنية لمؤسسات التمويل الإنمائي الدولية لدعم الدول النامية في تصميم مشروعات جاهزة وجذابة للاستثمار الخاص، بما يحفز دخول رؤوس الأموال. كما أكدت على ضرورة دمج التكيف المناخي في كافة محافظ الاستثمار، وزيادة الدعم لرأس المال البشري عبر التعليم والصحة والتدريب، مع ربط التمويلات بنتائج واضحة. وأوضحت المشاط كيف تستثمر مصر في إصلاح بيئتها الاقتصادية وتحفيز القطاع الخاص، من خلال زيادة نصيب استثماراته لتصل إلى 66% بحلول 2030، واستخدام أدوات مبتكرة لتقليل المخاطر بالتعاون مع مؤسسات التمويل التنموي مثل منصات الضمانات الأوروبية.

تحديات التمويل وآليات ضمان استدامة الاستثمارات في الدول النامية

مع ارتفاع حالات عدم اليقين على المستوى العالمي، أشار طارق توفيق إلى أن التحديات لا تقتصر على نقص التمويل، بل تشمل أيضًا تسييس قرارات التمويل وتراجع الحياد في توزيع الموارد. ونوه إلى ضرورة تعزيز استقلالية الدول النامية المالية وتقليل اعتمادها على المساعدات الخارجية. من جانبها، أحصت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، إيلينا بانوفا، تراجع التمويل الإنمائي الرسمي بنسبة بين 9% و17% في المستقبل القريب، مع تضاعف الفجوة التمويلية في أفريقيا بسبب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية. وأكدت على ضرورة تركيز المؤسسات التنموية على برامجها الأكثر تأثيرًا لتلبية الأولويات الوطنية. كما شدد ستيفان جيمبرت، من مجموعة البنك الدولي، على تمكين القطاع الخاص كحل أساسي لسد فجوة التمويل، مع إزالة العقبات أمام الاستثمار وخفض هيمنة الشركات الحكومية. وأشار مارك ديفيز من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية إلى أهمية الإصلاح المؤسسي وتحسين الحوكمة كأساس لجذب رؤوس الأموال، مُبرزًا ضرورة توفير مشروعات جاهزة للاستثمار لتشجيع الشركاء الدوليين والمحليين. وفي إطار التكامل الإقليمي، تؤكد الرئيس التنفيذي لمجلس الترويج للاستثمار والتنمية في ناميبيا، نانجولا أوندجا، أن نجاح الدول الأفريقية مرتبط بخلق بنية تحتية موحدة واستغلال الصناديق المحلية للاستثمار الداخلي.

العامل الأثر على التمويل التنموي
الفجوة التمويلية في أفريقيا 670-760 مليار دولار سنويًا
تراجع التمويل التنموي الرسمي انخفاض 9%-17% متوقع في 2025
نسبة استثمارات القطاع الخاص المستهدفة في مصر بحلول 2030 66% من إجمالي الاستثمارات
مبلغ استثمارات البنك الأوروبي في مصر منذ 2013 حوالي 10 مليارات دولار
نسبة مساهمة رؤوس الأموال الخاصة مقابل كل دولار من مؤسسات التمويل 5 دولارات

في النهاية، تتجلى أهمية إعداد مشروعات قابلة للاستثمار ضمن الاستراتيجية التنموية للدول النامية لتجاوز أزمة التمويل، وتسريع النمو الاقتصادي المستدام. يُثمن التعاون البنّاء بين مؤسسات التمويل، القطاع الخاص، والحكومات كعنصر رئيسي في مواجهة التحديات وتحقيق أهداف التنمية الشاملة.