جيفري ساكس: بريكس من أكثر المبادرات طموحًا في العالم وأمريكا تعترف بعدم قدرتها على الانتصار في حرب مع الصين

شهدت فعاليات منتدى القاهرة الثاني جلسة هامة تحدث فيها البروفيسور جيفري ساكس، مدير مركز التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا، الذي تناول خلالها فرص التحول نحو نظام طاقة خضراء واقتصاد رقمي في مصر، مسلطاً الضوء على أهمية الاستفادة من الإمكانات الهائلة للطاقة الشمسية في البلاد. هذا التحول الأخضر الرقمي هو مفتاح المستقبل، لا سيما مع التحديات السكانية والاقتصادية التي تواجه مصر.

أهمية التحول نحو نظام طاقة خضراء واقتصاد رقمي في مصر

أكد جيفري ساكس أن التحول إلى نظام طاقة خضراء واقتصاد رقمي أصبح ضرورة ملحة لمصر، خاصة مع النمو السكاني المتوقع الذي قد يصل إلى 160 مليون نسمة خلال العقود القادمة، مما يتطلب تخطيطًا دقيقًا واستثمارًا في المهارات والتعليم والبنية التحتية. الطاقة الشمسية تقدم فرصًا كبيرة بفضل انخفاض تكلفة إنتاجها إلى نحو ثمانية سنتات لكل وات، مما يؤهل مصر لأن تصبح مركزًا إقليميًا لتوليد الطاقة، ليس فقط لتغطية احتياجاتها بل لتصدير الفائض إلى أوروبا. هذا التحول سيساعد في خلق اقتصاد رقمي حديث يدعم التنمية المستدامة ويعزز مكانة مصر على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

دروس من التوترات العالمية بين الولايات المتحدة والصين وتأثيرها على الاقتصاد العالمي

في مناقشاته حول الأوضاع الدولية، سلط البروفيسور جيفري ساكس الضوء على التوترات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، مشيرًا إلى أن واشنطن بدأت تدرك أن الانتصار في حرب تجارية أو عسكرية مع بكين أمر مستحيل، ما أدى إلى تخفيف التصعيد مؤخرًا. في عالم متعدد الأقطاب يتطلب تحقيق الأمن المشترك والتعاون بين القوى الكبرى، مع ضرورة احترام السيادة الوطنية للدول الأصغر في محيطها الجغرافي، وتجنب ممارسة الضغوط العسكرية والسياسية عليها. هذه المعطيات تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد العالمي وتبرز أهمية التنسيق بين الدول في ظل التغيرات الجيوسياسية.

دور مصر في التكامل الإقليمي والتنمية الاقتصادية المستدامة

يرى جيفري ساكس أن مصر تقف على مفترق طرق هام في سعيها لتحقيق التكامل الإقليمي والتنمية الاقتصادية المستدامة، خاصة من خلال تعاونها مع الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنطقة شرق البحر المتوسط. وحدة البنية التحتية، وقطاع الطاقة، والنقل، والاتصالات الرقمية، فضلاً عن تبني سياسات بيئية مشتركة، تعتبر عوامل أساسية في بناء مستقبل مشترك. كما أشار إلى ضرورة دعم خطة سلام شاملة في الشرق الأوسط، تعتمد على حدود عام 1967، وتشارك فيها الدول الفاعلة بالمنطقة كوسيط نزيه، ليفسح المجال أمام استقرار سياسي يسمح بتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، يمكن أن تقودها مصر في إطار شبكة طاقة وإمداد متكاملة تربط بين أفريقيا، وأوروبا، والشرق الأوسط.

في ظل هذه التحديات والفرص، يرى جيفري ساكس أن مصر تمتلك الإمكانات لتكون في مقدمة الاقتصاديات الناشئة التي ستقود مستقبل التعاون والتنمية العالمية، من خلال الاستفادة من مبادرة بريكس التي تضم نصف سكان العالم وتعتدل بشكل متسارع نحو التنمية والاستدامة. التعاون مع هذه المجموعة يوفر لمصر منصة جديدة لتأكيد دورها التنموي والاقتصادي، بعيدًا عن الانتظار للوقوف عند مواقف بعض القوى العالمية المنقسمة، فهو طريق النجاح الحقيقي للدول الطامحة في القرن الحادي والعشرين.