ارتفاع التضخم في مصر يحكم قبضته على البقشيش والجيوب الفارغة الآن

تراجع حجم البقشيش في مصر وسط موجة التضخم يضغط على الدخل اليومي للأفراد، خاصة مع تدهور القيمة الشرائية للجنيه. في ظل ارتفاع الأسعار، بات الصندوق المخصص للبقشيش فارغًا في معظم المحال، ما يعكس بوضوح تأثير الظروف الاقتصادية على العادات اليومية للسكان.

تغيرات البقشيش في مصر وتأثير التضخم على العادات اليومية

لطالما اعتبر المصريون البقشيش جزءًا أساسيًا من المعاملة العامة، ليس كرغبة فقط بل كأمر مسلم به، حتى أن بعض الشركات تعتمد عليه كجزء من النفقات التشغيلية. يوضح الخبير الاقتصادي أحمد معطي أن محطات الوقود والمحلات الصغيرة تعتمد بشكل غير مباشر على البقشيش لتعويض انخفاض المرتبات الرسمية. هذا يعكس بجلاء مدى تأثير التضخم وزيادة الأسعار على القدرة الشرائية للعاملين، الذين صار دخلهم مرتبطًا بكرم الزبائن؛ ما يجعل صندوق البقشيش مؤشرًا حيًا لتقلبات الاقتصاد اليومي.

تدهور قيمة الجنيه وتأثيرها على حجم البقشيش في مصر

تراجعت قيمة الجنيه أمام الدولار بشكل حاد، ففي عام 2010 كانت 100 جنيه تعادل 18 دولارًا، إلا أن هذه القيمة تقلصت لتصل إلى نحو دولارين فقط اليوم. هذا الانخفاض الكبير زاد العبء المالي على الطبقة المتوسطة والفئات الأقل دخلًا، خاصة مع استمرار التضخم المرتفع الذي بلغ 38% في سبتمبر 2023؛ الأمر الذي دفع بعض المواطنين إلى رفع مبالغ البقشيش بشكل ملحوظ، كما يروي مصطفى إبراهيم الذي زاد من بقشيش البواب في سكنه من 5 إلى 50 جنيهًا، معتبراً أن المبالغ الصغيرة لم تعد ذات فائدة. وأشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية انخفض إلى 11.7% في سبتمبر 2025 بعد أن كان 12% في الشهر السابق، ما يعكس انخفاضًا تدريجيًا مستمرًا رغم تحديات الوضع الاقتصادي.

البقشيش في مصر بين التقاليد والتحديات الاقتصادية الراهنة

يشرح الخبير المصرفي عز الدين حسانين أن ارتفاع الأسعار يقلل من القدرة الشرائية للأفراد، وبالتالي من حجم البقشيش المتداول، لكنه يؤكد أن البقشيش في مصر يتجاوز كونه مجرد مال، فهو جزء من العادات والتقاليد الاجتماعية المتجذرة. لذا، رغم التضخم، سيبقى التقدير أو الاحترام عبر شكل من أشكال البقشيش موجودًا، ولو كان بمبالغ رمزية أو بدائل غير نقدية. ويرى حسانين أن استمرار التضخم دون زيادة ملحوظة في الرواتب سيؤدي إلى تراجع في القيمة الحقيقية للبقشيش، لكنه لن يُجهض وجوده كجزء من الثقافة والخدمات.

يُذكر أن الحد الأدنى للأجور الحكومي شهد ارتفاعًا من 1700 جنيه في 2017 إلى 7000 جنيه في يوليو 2025، فيما يلتزم القطاع الخاص بهذا الحد في حالات قليلة. أما تدهور سعر صرف الدولار، فقد مرت به مراحل عدة منذ عام 2005، حيث ارتفع من حوالي 5.75 جنيه للدولار إلى 47.30 جنيه للبيع وفق آخر تحديثات البنك المركزي. هذا الانخفاض الكبير في قيمة الجنيه وضع ضغوطًا إضافية على الإنفاق اليومي، ما انعكس سلبًا على القدرة على تقديم بقشيش بنفس القيم السابقة، كما عبر محمد صفوت الذي يحتاج اليوم إلى تعويض مالي أكبر لضمان مستوى الخدمة ذاته كان يقدمه قبل سنوات.

السنة سعر صرف الدولار مقابل الجنيه
2005 5.75 جنيه
2011 6.5 – 13.25 جنيه
2016 18 جنيه بعد التعويم
2023 47.3 جنيه

في النهاية، تظل ظاهرة البقشيش في مصر مرآة تعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي المتقلب، خصوصًا مع استمرار التضخم وانخفاض القيمة الشرائية للراتب، مما يفرض تعديلات فعلية على العادات اليومية ومتطلبات الدخل مقابل الخدمات.