كوكب الشرق أم كلثوم.. سيدة الغناء العربي وتأثيرها الذي صنع وجدان أمة اليوم

أم كلثوم، تلك السيدة التي حملت لقب “كوكب الشرق”، تعتبر ظاهرة غنائية واجتماعية وسياسية فريدة في تاريخ الفن العربي، إذ جمع صوتها الملايين من المستمعين في الوطن العربي كل أول خميس، محولًا الغناء إلى لحظة وجد وطنية وطقس روحي متميز. بالنظر إلى مسيرتها، يتبين كيف بدأت من نشأتها المتواضعة وصولًا إلى قمة المجد الفني، ومن خلال أغانيها الخالدة التي تركت بصمة لا تمحى في الذاكرة العربية.

بدايات أم كلثوم ومسيرتها مع الغناء العربي من الإنشاد الديني إلى الشهرة

وُلدت فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي، المعروفة بأم كلثوم، في قرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية عام 1898، حيث بدأ صوتها يتشكل في أجواء دينية من خلال الإنشاد والارتجال على يد والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي، المؤذن والمنشد في المناسبات الدينية والمواكب الاحتفالية. منذ أن كانت أم كلثوم في السادسة من عمرها، التقت بفن الإنشاد الذي رسخ مكانتها في عالم الموسيقى، خاصة بعد حفظها القرآن الكريم الذي ساعدها على التميز بفصاحتها وقدرة أدائها الاستثنائية للقصائد الفصيحة. انتقالها إلى القاهرة عام 1922 شكل نقطة تحول حيث واجهت تحديات كبيرة لكنها استطاعت لفت أنظار النخبة الثقافية، مما ساعد على بروز صوتها الفريد في الساحة الفنية.

مرحلة التأسيس لأم كلثوم وتطور الغناء العربي في العشرينات والثلاثينات

بدأت أم كلثوم مسيرتها الاحترافية في القاهرة خلال منتصف العشرينات، وتتالت النجاحات بالتعاون مع أبرز صناع الموسيقى في ذلك العصر، مثل أبو العلا محمد، الذي لحن لها قصائد مثل “الصب تفضحه عيونه”، ومحمد القصبجي الذي قدّم لها ألحانًا بارزة على رأسها “قال إيه حلف ما يكلمنيش”. كذلك تعاملت مع أحمد صبري النجريدي الذي ساهم في نمو تحركاتها الفنية عبر قصائد مثل “خايف يكون حبك”. كانت هذه التعاونات العربون الذي قادها للقاء الشاعر أحمد رامي، الذي أسهم في كتابة أكثر من مئة أغنية، منحتها رصيدًا ضخمًا استمر لسنوات طويلة، مما عزز مكانتها كرمز للغناء العربي الكلاسيكي.

ذروة المجد الفني لأم كلثوم وأثرها في تاريخ الغناء العربي

شهدت ستينيات القرن الماضي انطلاق تعاونات ذهبية ساهمت في ترسيخ دور أم كلثوم كرمز للغناء العربي وأيقونة فنية لا يُضاهى. أبرز هذه الشراكات كان مع محمد عبد الوهاب، حيث أبدعا معًا أعمالًا خالدة مثل “أنت عمري” و”أمل حياتي” التي اعتبرت قمة التلاقي الفني بين عملاقين. كما تكررت النجاحات مع عمالقة آخرين في الموسيقى مثل رياض السنباطي الذي أبدع في تقديم قصائد مثل “الأطلال” و”رباعيات الخيام”، بالإضافة إلى بليغ حمدي الذي أبدع في ألحان كأسلوبها في “حب إيه” و”بعيد عنك”. لكن ليس الدور الفني فقط ما برز في شخصية أم كلثوم، بل ساهمت بشكل واضح في التعبير عن الروح الوطنية، خاصة في حقبة ما بعد نكسة يونيو 1967، حيث جابت العالم العربي وأوروبا في جولات غنائية لجمع التبرعات لصالح الجيش المصري، ولحّنت أغاني وطنية خالدة مثل “أصبح عندي الآن بندقية” و”والله زمان يا سلاحي”، مما جعلها صوت الأمة والقضية.

الظاهرة الصوتية لأم كلثوم وتأثيرها الدائم في الغناء العربي

يُعد صوت أم كلثوم أحد أعظم الظواهر الصوتية في تاريخ الغناء العربي؛ فقد امتلكت مدى صوتيًا واسعًا ينطلق عبر ثلاثة أوكتافات بمرونة رائعة، بالإضافة إلى قوة رنينها التي كانت تُسمع بوضوح فوق الأوركسترا دون الحاجة إلى مكبر صوت. ميزتها الفنية لم تكن محصورة في جمال الصوت فقط، بل امتدت إلى الأحاسيس العميقة التي تنقلها للجمهور والحضور. أصالة صوتها وقوة أدائها جعلان من كل أمسية غنائية تجربة فريدة لا تتكرر. بقيت أعمالها وأغانها الخالدة تتردد في كل الأروقة الثقافية والاجتماعية في الوطن العربي، متجددة على منصات البث الحديثة وفي المقاهي الشعبية، مما يثبت استمرار أثرها كـ “كوكب الشرق” وزعيمة الطرب التي لا تنافس.

الفترة الشاعر الملحن الأغنية
1924-1930 غير معروف أبو العلا محمد الصب تفضحه عيونه
1926 غير معروف محمد القصبجي قال إيه حلف ما يكلمنيش
1964-1969 أحمد شفيق كامل محمد عبد الوهاب أنت عمري، أمل حياتي، فكروني، ألف ليلة وليلة
1960-1970 رياض السنباطي رياض السنباطي الأطلال، رباعيات الخيام، أراك عصي الدمع، ودارت الأيام
1960-1970 بليغ حمدي بليغ حمدي حب إيه، بعيد عنك