من فاتن حمامة إلى يوسف شاهين: أبرز البدايات الكلاسيكية في مسيرة نيللي كريم اليوم

تعتبر مسيرة نيللي كريم الفنية مثالًا بارزًا على التطور من البدايات الكلاسيكية إلى القفزات الهادفة التي جعلتها واحدة من ألمع نجمات الدراما والسينما في مصر والوطن العربي، حيث استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة فريدة عبر التنقل بين أدوار راقصة ورومانسية وصولًا إلى أدوار نفسية واجتماعية معقدة تجذب الجمهور والنقاد على حد سواء.

البدايات الكلاسيكية لنيللي كريم من الباليه إلى الشاشة الكبيرة

وُلدت نيللي كريم في 18 ديسمبر 1974 بالإسكندرية لأب مصري وأم روسية، ما منحها ملامح مميزة وهدوءًا خاصًا واضحًا. بدأت رحلتها الفنية في عالم الباليه من خلال دراستها في روسيا، قبل أن تلتحق بأكاديمية الفنون في مصر، حيث كانت رقصة الباليه بوابتها الأولى نحو عالم الأضواء. تحوّل الاهتمام بفنون الأداء إلى خطوة أكثر جديّة بعدما اكتشفها المخرج فارس فهمي، وقدّمها في فوازير “ألف ليلة وليلة” عام 1999. ثم جاءت الخطوة الأبرز بدخولها التمثيل من البوابة الصحفية عندما شاركت في مسلسل “وجه القمر” مع الفنّانة فاتن حمامة، التي اعتبرتها خليفتها، مما وضع حجر الأساس لمسيرتها التمثيلية.

نقطة التحول مع يوسف شاهين وأدوار نيللي كريم الرومانسية والسينمائية

خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، تنوعت أدوار نيللي كريم بين الرومانسية والكوميديا البسيطة، حيث ظهرت في أفلام مثل “شباب على الهوا” و”غبي منه فيه” مُظهرة قدرة واضحة على التنقل بين الأنماط الفنية. وكان التعاون مع المخرج العالمي يوسف شاهين في فيلم “إسكندرية نيويورك” نقطة تحول مهمة، إذ كشف عمقًا في أداء نيللي لم يظهر سابقًا، ومهد طريقها نحو أدوار أكثر تعقيدًا ومسؤولية.

التطور الفني والتحول لملكة الدراما النفسية بفضل التعاون مع العدل جروب

مع بداية العقد الماضي، اتخذت نيللي كريم خطوة جريئة نحو أدوار تحمل معاناة نفسية واجتماعية عميقة، مبتعدة عن الصورة التقليدية للفتاة الجميلة، لتتألق جدًّا في مسلسل “ذات” عام 2013 المُقتبس عن رواية صنع الله إبراهيم، الذي استعرض قصة امرأة مصرية عبر عقود طويلة. تبع ذلك سلسلة من الأعمال القوية بالتعاون مع “العدل جروب” والمخرج محمد جمال العدل، مثل:

  • مسلسل “سجن النسا” (2014)، حيث جسدت شخصية غالية السجينة المظلومة، الذي شكل علامة فارقة في الدراما المصرية
  • “تحت السيطرة” (2015)، تناول قضية الإدمان والتعافي بأسلوب واقعي وجرئ
  • “سقوط حر” (2016)، دور مريضة نفسية تعاني اضطرابات حادة
  • “لأعلى سعر” (2017)، معالجة قضايا الغدر والخيانة الزوجية بنجاح جماهيري واسع

تجديد الأدوار والكوميديا في مشوار نيللي كريم الفني بعد 2020

بعد سنوات من تقديم أدوار معقدة ومليئة بالمعاناة، أعادت نيللي كريم اكتشاف الجانب الكوميدي لديها، مما أكد تعدد مواهبها الفنية وقابليتها للتجديد، خاصة في مسلسل “بـ 100 وش” (2020) الذي حقق نجاحًا جماهيريًا غير متوقع. استمرت في المزج بين الدراما الاجتماعية والكوميديا مثل “فاتن أمل حربي” (2022) الذي ناقش قضايا الأحوال الشخصية، و”عملة نادرة” (2023) الذي تعرّض لقضايا الصعيد والثأر، إلى جانب فيلم “فوي فوي فوي” (2023)، الذي يمثل عودة قوية إلى السينما بفيلم اجتماعي كوميدي لاقى استحسان النقاد والجمهور.

نيللي كريم والسينما: عودة تُعزز مكانتها كنجمة شباك

رغم النجاحات الدرامية التي حققتها، تعتبر نيللي كريم أن السينما هي عشقها الأول وتسعى لتعزيز حضورها فيها، معتمدة على النوعية في اختيار أعمالها السينمائية القادمة. تعمل حاليًا على تصوير أفلام متنوعة تجمع بين الكوميديا الاجتماعية والدراما الجادة، مع حساسية واضحة في اختيار القضايا التي تطرحها، وهو ما يجعل كل عمل لها رسالة مميزة تجمع بين البعد الاجتماعي والنفسي، مما يضمن ديمومة حضورها وتأثيرها الفني في المشهد السينمائي والدرامي.

تجسد مسيرة نيللي كريم نموذج الفنانة التي تطورت باستمرار، ونجحت في تقديم أدوار تجمع بين الرقة والتعقيد، ما يُبرزها باعتبارها صوتًا يعبر عن القضايا الاجتماعية بشجاعة ويثري الساحة الفنية العربية بالتنوع والاحترافية.